أُخْلاقُ المُسْلِم

التَوبة ومنزلة التائبين

التوبة ومنزلة التائبين

 

التوبة ومنزلة التائبين

 

الإنسان ذو عقل وشهوة، فهو قابل للوقوع في الخطأ كما كان قادراً على فعل الصواب، ومن ألطاف الله بعباده أنه لا يأخذهم بذنوبهم فوراً وإنما يؤخر عقابهم علهم يتوبون من ذنوبهم ويصلحون أمورهم قبل فوات الأوان ففتح لهم باباً كريماً سماه باب التوبة التي هي فرصة ذهبية للعاصين الذين ندموا على المعاصي وأرادوا العودة إلى الصواب فإذا تابوا توبة نصوحاً تاب الله عليهم وغفر جميع ذنوبهم وفتح لهم في الحياة صفحة جديدة على أمل أن لا يسوّدوا تلك الصفحة ولا يغلقوها بالعودة إلى ارتكاب الذنوب، فمن نعم الله على الإنسان أن يعفو عن ذنبه ولا يحاسبه عليه بل ولا يسأله عن الذنب الذي تاب منه كأنه لم يفعله من الأساس، قال سبحانه(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) والتوبة رحمة للإنسان تخفف عنه وطأة يوم الحساب الذي كان مقداره خمسين ألف سنة لشدته، ومن هنا نجد المؤمنين العارفين يستغنون عن كل ما يطيل لهم وقوفهم للحساب في يومه، ونذكر لكم خلاصة أحاديث وردت عن النبي وآله في شأن التوبة: فالتوبة تجبّ ما قبلها، وتستنزل الرحمة، وهي شفيع لصاحبها، وهي تطهر القلوب وتغسل الذنوب، ولذا كان التائب من الذنب كمن لا ذنب عليه، والتائبون أهل فضيلة وكرامة عند الله تعالى الذي أعد لهم المنزلة الرفيعة والدرجات العليا، ويكفي في بيان منزلة التائبين أن الله يحبهم، وما بعد حب الله هو الثواب العظيم في الجنة الواسعة، قال سبحانه(إن الله يحب التوابين) وهذا عين الفخر والشرف والعزة، ومثله ما ورد عن رسول الله(ص) ليس شيءٌ أحبَّ إلى الله من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة: وقال: كل بني آدم خطّاء وخير الخطائين التائبون: وقال: لَلّهُ أفرحُ بتوبة عبده من العقيم الوالد ومن الضال الواجد ومن الظمآن الوارد: وقال علي: توبوا إلى الله عز وجل وادخلوا في محبته فإن الله عز وجل يحب التوابين ويحب المتطهرين والمؤمنُ تواب: وللتائبين مزايا كثيرة، منها ما ذكره الرسول بقوله: أما علامة التائب فأربعة، النصيحة لله في عمله وترك الباطل ولزوم الحق والحرص على الخير: ومنها ما قاله علي: غرسوا أشجار ذنوبهم نُصبَ عيونهم وقلوبهم وسقَوها بمياه الندم فأثمرت لهم السلامة وأعقبتهم الرضا والكرامة:

وفي دعاءٍ للإمام السجاد: واجعلنا من الذين غرسوا أشجار الخطايا نُصب روامق القلوب وسقَوها من ماء التوبة حتى أثمرت لهم ثمر الندامة فأطْلَعتهم على سُتور خَفيّات العلى: وفي دعاء آخر: قطعوا أستار نار الشهوات بنَضح ماء التوبة وغسلوا أوعية الجهل بصفو ماء الحياة:

ثم يحثنا الله على التوبة بأسرع وقت ممكن فيقول(وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تُفلحون) وقال الرسول: توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في كل يوم مائة مرة:

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى